التداول هو أحد المفاهيم الأساسية في عالم المال والاستثمار، وهو لا يقتصر على سوق الفوركس كما يظن البعض، بل يشمل العديد من الأسواق والأصول المالية. سواء كنت ترغب في شراء الأسهم، العملات الرقمية، السلع، أو حتى السندات، فإن التداول يمنحك الفرصة للاستفادة من تحركات الأسعار وتحقيق الأرباح وفقًا لاستراتيجيتك. لكن، كيف يعمل التداول؟ وما الفرق بين التداول العادي والعقود مقابل الفروقات CFDs؟ وما هي الأسواق التي يمكن التداول فيها؟ في هذا المقال، سنجيب على هذه الأسئلة ونوضح لك كيفية البدء في التداول بشكل صحيح.
ما هو التداول What is trading؟
عند سماع كلمة التداول، يعتقد الكثيرون أنه يقتصر على سوق الفوركس، نظرًا لانتشاره الواسع. لكن، عزيزي القارئ، التداول في جوهره يعني البيع والشراء في أسواق مالية متعددة، ويتم ذلك بأسعار محددة من خلال المتاجرة في مختلف الأصول ضمن أسواق متعددة. نظرًا لتغير الأسعار يوميًا، يندرج كل ذلك تحت مفهوم التداول، أي البيع والشراء في الأسواق المالية.
في سوق الفوركس، يتم التداول عن طريق بيع وشراء العملات الأجنبية بأسعار معينة، حيث تشمل العملات الأكثر تداولًا الدولار الأمريكي، اليورو، الجنيه الإسترليني، وغيرها من العملات العالمية.
يُمارَس التداول في الأسواق المالية بهدف تحقيق الأرباح، سواء من خلال المضاربة السريعة أو الاستثمار طويل الأجل. وتختلف الأدوات المالية المستخدمة وفقًا لنوع التداول؛ فمثلًا، يُفضَّل التداول على العملات الأجنبية للمضاربة السريعة، بينما يُعتبر الأسهم، السندات، والصناديق الاستثمارية المتداولة خيارات مناسبة للاستثمار طويل الأجل.
ما هي الأصول المالية المختلفة التي يمكن التداول عليها؟
يمكن التداول في الأسواق العالمية والأوروبية المتنوعة، حيث تتوفر مجموعة واسعة من الأصول المالية التي تتجاوز 17,000 أصل مالي. يمكن للمستثمرين البيع والشراء على مدار الساعة باستخدام استراتيجيات مختلفة لتحقيق الأرباح. تشمل هذه الأسواق والأصول المالية ما يلي:
- سوق الفوركس حيث يمكن التداول على العملات الأجنبية المختلفة.
- التداول على مؤشرات الأسهم الأوروبية والعالمية.
- الاستثمار في أسهم الشركات الأوروبية، العربية، والعالمية، سواء المشهورة أو الأقل شهرة.
- التداول على العملات المشفرة مثل البيتكوين.
- الاستثمار في السندات الصادرة عن الحكومات المختلفة.
- صناديق الاستثمار المتداولة ETFs المدرجة في البورصات العالمية.
- التداول على السلع الزراعية (مثل الأرز والقمح والقهوة)، سلع الطاقة (مثل النفط الخام والغاز الطبيعي)، وسلع المعادن (مثل الذهب والفضة).
- اسعار الفائدة و الاكتتابات العامة الأولية: التداول على تغيرات أسعار الفائدة والمشاركة في الاكتتابات الجديدة.
و تعتبر هذه الأصول من أكثر الأصول شهرة بين المتداولين في البورصات العالمية، حيث يتم تداول بعضها أيضًا في البورصات المحلية. عملية البيع والشراء، عزيزي القارئ، لا تقتصر على حد معين، إذ يمكنك المتاجرة في أي شيء ترغب فيه ما دام قانونيًا وحلالًا بالنسبة للمتداولين المسلمين.
و يمكن التداول على هذه الأصول المالية إما يدويًا من خلال شراء كمية منها وتخزينها ثم بيعها عندما يرتفع السعر، أو عبر البورصات العالمية من خلال شركات الوساطة المالية باستخدام نظام العقود مقابل الفروقات. يتيح هذا النظام التداول بناءً على تحركات الأسعار عبر برامج مختلفة، مع إمكانية البيع في اللحظة نفسها أو بعد فترة من الزمن وفقًا للصفقة. لكن يجب عليك فتح حساب تداول مع الشركة المعنية وإيداع المبلغ المالي الذي ترغب في التداول به، مما يزيد من قدرتك على التداول بفضل الرافعة المالية التي تضاعف قوة رأس المال.

الفرق بين التداول يدويا والتداول عبر العقود مقابل الفروقات CFDs
الفرق بين التداول اليدوي وتداول عبر العقود مقابل الفروقات CFDs يمكن توصيفه بالشكل التالي
التداول اليدوي
التداول اليدوي، المعروف أيضًا بالتداول الفعلي أو التداول المباشر، هو عملية بيع وشراء الأصول وجهًا لوجه في زمان ومكان محددين بين البائع والمشتري. يعتمد هذا النوع من التداول على شراء وبيع الأصول الحقيقية، مثل الأسهم والسلع المختلفة، ويتطلب امتلاك الأصل وتخزينه إما في محفظة استثمارية أو في مكان مخصص له، كما هو الحال مع السلع المادية.
يتميز التداول اليدوي بعدم استخدام الرافعة المالية، مما يقلل من المخاطر، كما يتيح إمكانية الاحتفاظ بالأصول لفترات طويلة، مما يجعله مناسبًا للاستثمار طويل الأجل. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للمستثمر امتلاك الأصل بشكل حقيقي والتصرف فيه بحرية سواء بالبيع السريع في حال المضاربة، أو الاحتفاظ به لفترة طويلة في إطار استثمار مدروس.
التداول عبر العقود مقابل الفروقات CFDs
أولًا، عزيز القارئ، ما هي العقود مقابل الفروقات؟ العقود مقابل الفروقات CFDs هي طريقة للتداول على الأصول المالية المختلفة التي ذكرناها سابقًا، دون الحاجة إلى امتلاكها فعليًا. يتيح هذا النوع من التداول المضاربة على تحركات الأسعار في الأسواق العالمية عبر حساب تداول يتميز بالرافعة المالية وفارق سعري (سبريد) معين.
يمنحك التداول بالعقود مقابل الفروقات القدرة على الاستفادة من ارتفاع الأسعار أو انخفاضها، مما يجعله مناسبًا للتداول قصير الأجل، حيث تُنفذ الصفقات بسرعة بناءً على تحركات السوق. ومع ذلك، فإن استخدام الرافعة المالية يعني إمكانية التداول بمبالغ تفوق رأس المال الفعلي، لكنه قد ينطوي على مخاطر عالية تتطلب إدارة حذرة.
ايهم أفضل؟ التداول أم الأستثمار؟
التداول، عزيزي القارئ، سواء كان يدويًا أو عبر العقود مقابل الفروقات، يشير إلى المضاربة السريعة على الأصول المالية المختلفة. ويعتمد الاختيار بين التداول السريع والاستثمار طويل الأجل على احتياجات المتداول وأهدافه.
إذا كنت تسعى لتحقيق أرباح سريعة من أصل معين، ولا تفضل الانتظار لفترات طويلة، فقد يكون التداول السريع أو المضاربة هي الخيار الأنسب لك، خاصة عند استخدام حسابات الوساطة المالية المختلفة.
أما إذا كنت تفضل تقليل المخاطر وتميل إلى الاستثمار طويل الأجل من خلال شراء الأصول، مثل الأسهم، والاحتفاظ بها لفترات طويلة قبل بيعها، فإن الاستثمار هو الخيار الأفضل، لا سيما لمن يسعون إلى تأمين مستقبلهم المالي، مثل المستثمرين الذين يخططون لما بعد التقاعد.
كيف تبدأ في التداول عبر العقود مقابل الفروقات CFDs؟
للبدء في التداول عبر نظام العقود مقابل الفروقات، عزيزي القارئ، يجب اتباع عدة خطوات، وهي:
- اختيار شركة وساطة مالية موثوقة.
- فتح حساب تداول لدى شركة الوساطة.
- بدء التداول في الأسواق المالية المختلفة.
اختيار شركة وساطة مالية موثوقة
عند اتخاذ قرار التداول عبر نظام العقود مقابل الفروقات، من الضروري التعامل مع شركة وساطة مالية موثوقة تتمتع بسمعة جيدة، وذلك لتجنب عمليات الاحتيال التي قد تمارسها بعض شركات التداول غير الموثوقة.
تضمن شركة الوساطة المالية الموثوقة للمتداول تجربة تداول آمنة وسلسة، حيث توفر منصات تداول متطورة، وخيارات سحب وإيداع مرنة، وخدمة عملاء متميزة، بالإضافة إلى حماية الأموال.
كما أنها تخضع لرقابة هيئات تنظيمية مرموقة، مما يضمن امتثالها للمعايير التنظيمية الصارمة التي توفر بيئة تداول آمنة وموثوقة.
فتح حساب لدى شركة الوساطة
بعد اختيار شركة الوساطة المالية الموثوقة، بناءً على تجارب العملاء السابقين والحاليين، إضافةً إلى التراخيص المالية المرموقة التي حصلت عليها، والتأكد من موثوقيتها، يمكن فتح حساب مالي لدى الشركة.
يتطلب ذلك تقديم بعض البيانات، مثل بطاقة الهوية، البريد الإلكتروني، الإسم و رقم الهاتف، وإثبات العنوان (مثل فاتورة مرافق). بعد ذلك، تخضع هذه البيانات للمراجعة، وعند الموافقة على الحساب، يمكن بدء التداول.

بدء التداول على الأسواق المالية المختلفة
بعد الموافقة على فتح الحساب لدى شركة التداول، يمكنك، عزيزي القارئ، إيداع الأموال باستخدام الوسائل المختلفة التي توفرها الشركة. بعد ذلك، يمكنك اختيار الأصول المالية المتنوعة من الأسواق المختلفة والبدء في التداول، سواء من خلال صفقات طويلة الأجل، قصيرة الأجل، أو المضاربة السريعة عبر نظام العقود مقابل الفروقات.

كيف تتم عملية التداول؟
تتم عملية التداول بعد المرور بالخطوات التي وضحناها سابقًا. ولتوضيح ذلك بشكل أكبر، دعونا نأخذ مثالًا عمليًا:
عند التداول على زوج عملات معين عبر العقود مقابل الفروقات، مثل اليورو مقابل الدولار الأمريكي EUR/USD، وافترضنا أن الصفقة كانت شراءً عند سعر 1.037، فهذا يعني أنه سيتم شراء اليورو وبيع الدولار الأمريكي عند هذا السعر.
إذا ارتفع السعر إلى 1.090 وهو الهدف المحدد يكون المتداول قد حقق ربحًا قدره 53 نقطة. أما إذا انخفض السعر عن نقطة الدخول، فسيتكبد المتداول خسارة تعادل عدد النقاط التي هبط بها السعر عن مستوى الشراء.

يتم تنفيذ هذه الصفقة من خلال منصة التداول التي توفرها الشركة، حيث يجب تسجيل الدخول إلى المنصة، ثم تحديد زوج العملات المطلوب، وفتح المخطط البياني، وبعد ذلك الضغط على خيار "شراء" عند السعر المحدد. كما يمكن ضبط هدف الربح وإيقاف الخسارة قبل الضغط على "تنفيذ"، ليتم تنفيذ الصفقة تلقائيًا وفقًا لما حدده المتداول من قبل الشركة بالنيابة عنه.

ما هي صفقات الشراء Buy؟ و ما هي صفقات البيع Sell؟
صفقات الشراء Buy: تعني شراء أصل مالي مثل الأسهم أو العملات بهدف بيعه لاحقًا بسعر أعلى لتحقيق ربح. تُستخدم هذه الصفقات عندما يتوقع المتداول ارتفاع السعر، مثل شراء سهم بسعر 100 دولار وبيعه عند 120 دولارًا لتحقيق ربح 20 دولارًا.

أما صفقات البيع Sell: تعني بيع أصل لا تملكه مع توقع انخفاض سعره، ثم شراؤه لاحقًا بسعر أقل لتحقيق ربح من فرق السعر. تُستخدم عند توقع هبوط الأسعار، مثل بيع سهم بسعر 100 دولار وإعادة شرائه عند 80 دولارًا لتحقيق ربح 20 دولارًا.

هل التداول حلال أم حرام؟
التداول، بشكل عام، يعد جائزا وفقًا لآراء الفقهاء المعاصرين، ومن بينهم الدكتور عثمان الخميس و هو عالم وداعية كويتي، يُعرف باهتمامه بالعلوم الشرعية والعقيدة الإسلامية. له العديد من المحاضرات والكتب التي تتناول مسائل العقيدة والفقه، ويُعد من أبرز الشخصيات في مجال الرد على الشبهات العقدية، إذ أن التداول في حد ذاته حلال، بشرط الالتزام بقاعدتين أساسيتين:
- التداول في أصول مالية وسلع مشروعة، مثل المتاجرة في السيارات، الملابس، والسلع المباحة، مع تجنب التداول في الأصول المحرمة، مثل الخمور ولحوم الخنزير.
- خلو معاملات شركة الوساطة من المخالفات الربوية، حيث يحرم التعامل بأي شكل من أشكال الفوائد الربوية.
بناءً على ذلك، يكون التداول حلالًا عند استيفاء هذين الشرطين، ويمكن تحقيق ذلك من خلال الحساب الإسلامي الذي توفره بعض شركات الوساطة المالية، حيث يكون خاليًا من الفوائد الربوية، ويتم التداول فيه على أصول مالية مشروعة.
استراتيجيات التداول المختلفة
تتنوع إستراتيجيات التداول، ولكن يمكن تصنيفها إلى ثلاث استراتيجيات رئيسية وهي:
- التداول اليومي Day Trading: يقوم المتداول بفتح وإغلاق الصفقات خلال اليوم نفسه لتحقيق أرباح من تحركات الأسعار قصيرة المدى، دون الاحتفاظ بالمراكز لليوم التالي.
- التداول المتأرجح Swing Trading: يعتمد على الاستفادة من تقلبات السوق خلال أيام أو أسابيع، حيث يحتفظ المتداول بالصفقات لفترة أطول من التداول اليومي، لكنه لا يستثمر على المدى الطويل.
- التداول طويل الأجل Long-Term Trading أو الاستثمار: يركز على الاحتفاظ بالأصول لشهور أو سنوات، بهدف الاستفادة من الاتجاهات الصاعدة وتحقيق أرباح كبيرة على المدى البعيد.
هل يشتمل التداول على مخاطر؟
بالطبع، ينطوي التداول على مخاطر مالية متعددة، تمامًا كما يشتمل على مميزات و من أبرز هذه المخاطر:
- تقلبات السوق، حيث يمكن أن تتغير الأسعار بسرعة بسبب الأخبار الاقتصادية أو الأحداث غير المتوقعة، مما قد يؤدي إلى خسائر غير متوقعة.
- مخاطر الرافعة المالية حيث تعتبر سلاحًا ذو حدين، إذ تتيح زيادة حجم الصفقات لكنها تضاعف الخسائر أيضًا.
- مخاطر السيولة، والتي قد تؤثر على إمكانية تنفيذ الصفقات بالسعر المطلوب، خاصة في الأسواق ذات التداول المنخفض.