في عالم التداول، كل نقطة تُحسب وكل تكلفة تؤثر على ربحية المتداول، سواء كان محترفًا أو مبتدئًا. من بين أهم هذه التكاليف التي كثيرًا ما يغفل عنها المتداولون الجدد هو السبريد" Spread، والذي يُعد مكونًا أساسيًا في أي عملية شراء أو بيع داخل الأسواق المالية، سواء في الفوركس أو الأسهم أو السلع. لكن ما هو السبريد بالضبط؟ ولماذا يختلف من أصل مالي لآخر؟ وكيف يمكن أن يؤثر على نتائج تداولك اليومية؟ في هذا المقال، سنشرح لك ببساطة معنى كل ذلك ونجيب على هذه الاسئلة باستفاضة مع أمثلة توضيحية تسهّل الفهم.

ما هو السبريد What is the spread وكيف يعمل؟  

إذا أراد شخص بيع سهم أو أي أصل مالي معين بسرعة، فسيحصل على سعر العرض، وإذا أراد شراءه فورًا، فسيدفع سعر الطلب. و كلما زاد الفرق بين السعرين، زادت التكلفة على المتداول. وهذا هو السبريد Spread حيث يعتبر الفرق بين سعر العرض Bid و سعر الطلب Ask لأي أصل مالي، مثل العملات أو الأسهم. 

و يعتبر السبريد مؤشرًا على تكلفة التداول والسيولة في السوق؛ فكلما ضاق السبريد، زادت السيولة وانخفضت التكلفة، والعكس صحيح. و بمعنى آخر، هو عمولة غير مباشرة يفرضها السوق أو الوسيط، حيث يكون سعر الشراء أعلى دائمًا من سعر البيع الفوري.

فلنفترض أن زوج العملات EUR/USD له سعر عرض Bid عند 1.0850 وسعر طلب Ask عند 1.0853. هنا يكون السبريد 3 نقاط . إذا قررت أن تشتري اليورو مقابل الدولار، فستدفع 1.0853، ولكن إذا أردت بيعه على الفور، فستحصل على 1.0850 فقط. هذا يعني أنك تحتاج إلى أن يتحرك السوق لصالحك بمقدار 3 نقاط على الأقل حتى تبدأ في تحقيق الربح.

أنواع السبريد  

هناك نوعين مختلفين للسبريد هما:

• السبريد الثابت Fixed Spread.
• السبريد المتغير Variable or Floating Spread.

السبريد الثابت Fixed Spread

السبريد الثابت هو فارق سعر ثابت بين سعر الشراء والبيع لا يتغير باختلاف ظروف السوق. من أهم خصائصه أنه يوفر للمتداولين معرفة التكاليف مسبقًا، مما يساعدهم على التخطيط الجيد لصفقاتهم. عادةً ما يكون هذا النوع من السبريد أعلى قليلاً من السبريد المتغير في الأوقات العادية، ولكنه يظل خيارًا آمنًا للمبتدئين أو الذين يفضلون الاستقرار في التكاليف.

يكون السبريد الثابت مناسبًا بشكل خاص في فترات التقلبات الحادة في السوق، حيث يحمي المتداولين من اتساع السبريد المفاجئ. كما أنه مفيد للمتداولين الذين يعتمدون على استراتيجيات طويلة الأجل، حيث يمكنهم حساب التكاليف بدقة دون مفاجآت غير متوقعة.

السبريد المتغير Variable or Floating Spread

السبريد المتغير هو فارق السعر بين سعر الشراء والبيع الذي يتغير حسب ظروف السوق والسيولة. في الأوقات الهادئة، قد يكون هذا السبريد ضيقًا جدًا، مما يجعله خيارًا جيدًا لتقليل التكاليف. 

لكن في أوقات الأحداث الاقتصادية المهمة أو التقلبات الشديدة، قد يتسع بشكل كبير، مما قد يؤثر على أرباح المتداولين، و يكون مناسب أثناء جلسات التداول ذات السيولة العالية، مثل جلسات لندن ونيويورك، حيث يكون السبريد عادةً في أدنى مستوياته. 

إيجابيات وسلبيات كل نوع

نعرض في ما يلي مقارنة بين السبريد الثابت والمتغير في جدول مختصر:

المقارنة	السبريد المتغير	السبريد الثابت
التكلفة	أقل في الأوقات العادية، لكن قد يرتفع فجأة	أعلى قليلاً في الأوقات العادية
الاستقرار	متغير حسب ظروف السوق والسيولة	ثابت لا يتغير
السيولة	يضيق عند ارتفاع السيولة ويتسع عند انخفاضها	لا يتأثر بتغيرات السيولة
المرونة	مرن و يتكيف مع ظروف السوق	محدود لا يتكيف مع تحركات السوق
الشفافية	غير متوقع حيث يعتمد على السوق	معروف مسبقًا حيث لا مفاجآت

العوامل التي تؤثر على السبريد  

هناك عدة عوامل مختلفة تؤثر على السبريد بشكل كبير ومن أهمها ما يلي:

• نوع الحساب والوسيط.
• أوقات التداول والسيولة.
• الأخبار الاقتصادية والتقلبات. 
• نوع الأصل المالي المتداول عليه.

1- نوع الحساب والوسيط

يلعب نوع الحساب الذي يقدمه الوسيط دورًا حاسمًا في تحديد قيمة السبريد، حيث تختلف العروض بين الحسابات ذات السبريد الثابت التي توفر استقرارًا في التكاليف، والحسابات ذات السبريد المتغير التي قد تكون أكثر تنافسية في ظل ظروف السوق العادية. 

كما أن سمعة الوسيط وكفاءة تنفيذ الصفقات تؤثران بشكل مباشر؛ فبعض الوسطاء يقدمون سبريدًا ضيقًا بفضل شراكات مع مزودي السيولة الكبار، بينما قد يفرض آخرون هوامش أعلى بسبب نقص المنافسة أو سوء البنية التحتية.

2- أوقات التداول والسيولة

تختلف قيمة السبريد بشكل كبير حسب توقيت التداول ومستويات السيولة في السوق. خلال الجلسات الأكثر نشاطًا مثل تداخل جلستي لندن ونيويورك، يضيق السبريد بسبب ارتفاع حجم التداول وزيادة السيولة. 

على العكس من ذلك، في الفترات الأقل نشاطًا مثل نهاية الأسبوع أو خارج أوقات العمل الرسمية، قد يتسع السبريد بشكل ملحوظ بسبب قلة المشاركين في السوق وصعوبة تنفيذ الصفقات بأسعار مثالية.

3- الأخبار الاقتصادية والتقلبات

عند صدور بيانات اقتصادية مهمة مثل تقارير الوظائف الأمريكية أو قرارات الفائدة للبنوك المركزية، تزداد تقلبات السوق بشكل حاد، مما يؤدي إلى اتساع مفاجئ في السبريد. ذلك لأن الوسطاء والمزودين يزيدون هوامشهم لتعويض المخاطر المرتفعة في هذه الفترات. 

كما أن الأحداث غير المتوقعة مثل الأزمات السياسية أو الكوارث الطبيعية قد تسبب تقلبات حادة تجعل السبريد متغيرًا وغير مستقر لفترات مؤقتة.

4- نوع الأصل المالي المتداول عليه

تختلف هوامش السبريد بشكل كبير حسب نوع الأداة المالية المتداولة. في سوق الفوركس، عادةً ما تكون أزواج العملات الرئيسية مثل EUR/USD و GBP/USD ذات سبريد ضيق بسبب سيولتها العالية وعدد المتداولين الكبير. أما العملات النادرة أو أزواج الأسواق الناشئة، فقد يكون سبريدها أعلى. 

وفي أسواق الأسهم والسلع، يعتمد السبريد على حجم التداول وشعبية الأصل؛ فأسهم الشركات الكبرى مثل Apple أو Tesla تتمتع بسبريد أقل مقارنةً بالأسهم الصغيرة أو السلع غير السائلة مثل بعض المعادن النفيسة.

كيف يؤثر السبريد على التداول؟  

كما وضحنا سابقا أن السبريد Spread هو الفرق بين سعر الشراء وسعر البيع، ويُعد تكلفة أساسية في التداول فكلما زاد السبريد، زادت الصعوبة في تحقيق الربح، خاصة في الأسواق سريعة الحركة حيث في الأصول ذات السبريد المرتفع، يحتاج المتداول إلى تحقيق حركة سعرية أكبر لتغطية هذه التكلفة قبل تحقيق ربح. كما أن ارتفاع السبريد قد يقلل من كفاءة تنفيذ الصفقات، خاصة في أوقات تقلبات السوق.  

السبريد يؤثر مباشرة على صافي أرباح المتداول. ففي الصفقات قصيرة الأجل أو المتكررة مثل السكالبينج، تُضاف تكاليف السبريد إلى خسائر المتداول أو تُخصم من أرباحه. على سبيل المثال، إذا كان سبريد زوج العملات 2 نقطة، يجب أن يتحرك السعر لصالح المتداول نقطتين على الأقل ليبدأ في تحقيق الربح و في الاستراتيجيات طويلة الأجل، يكون تأثير السبريد أقل بسبب عدد الصفقات القليل، لكنه يظل عاملاً مؤثرًا في الربحية الإجمالية.  

مثلا في استراتيجية السكالبينج يتم فتح وإغلاق الصفقات بسرعة لتحقيق أرباح صغيرة، وهنا يُعد السبريد المنخفض ضروريًا لأن تكرار الصفقات يزيد من تكاليف التداول. أما في التداول طويل الأجل، فلا يكون السبريد عاملاً حاسمًا لأنه يُوزع على عدد أقل من الصفقات. لذلك، يفضل متداولو السكالبينج الأصول ذات السبريد الضيق، بينما يمكن لمتداولي المدى الطويل تحمل سبريد أعلى نسبيًا.

مقارنة بين السبريد والعمولة  

المقارنة	السبريد	العمولة
طريقة التحصيل	مدمج في السعر (فرق بين الشراء و البيع	رسوم منفصلة لكل صفقة
التقلب	يتغير حسب ظروف السوق والوسيط	ثابتة أو محددة مسبقًا
الأفضل للمتداولين	التداول طويل الأجل (سبريد ثابت)	التداول السريع أو سكالبينج حيث التكلفة أقل
مثال التكلفة	زوج عملات بسبريد 1.5 نقطة	عمولة 5$ لكل لوت

السبريد هو الفرق بين سعر الشراء والبيع، وتكلفته تُحتسب تلقائياً ضمن السعر، بينما العمولة المباشرة رسوم إضافية يحددها الوسيط لكل صفقة. و يُفضل السبريد في التداول طويل الأجل، بينما قد تكون العمولة المباشرة أفضل للمتداولين السريعين مثل سكالبينج بسبب وضوح التكلفة و بعض الوسطاء يجمعون بين الاثنين، والاختيار يعتمد على استراتيجية التداول.

ما الأفضل؟ سبريد أم عمولة شفافة؟

إذا كنت من متداولي السكالبينج أو التداول اليومي الذي يفتح ويغلق العديد من الصفقات يومياً، فعادةً ما يكون السبريد الخيار الأمثل. ذلك لأن تكاليف السبريد وخصوصا الثابتة تصبح أكثر كفاءة مع تكرار الصفقات، خاصة عند تداول أزواج العملات الرئيسية ذات السيولة العالية. أما إذا كنت من متداولي المراكز الطويلة الأجل الذين يفتحون صفقات قليلة تبقى مفتوحة لأيام أو أسابيع، فغالباً ما تكون العمولة الشفافة أكثر ملاءمةً، حيث تقل تأثيرات التكرار على التكلفة الإجمالية.

عند تداول الأصول ذات السبريد الثابت والضيق مثل أزواج الفوركس الرئيسية، قد يكون التركيز على السبريد المنخفض كافياً. لكن مع الأصول ذات السبريد المتغير أو الواسع مثل بعض العملات النادرة أو الأسهم، تصبح العمولة الثابتة خياراً أكثر ذكاءً لأنها تحمي المتداول من تقلبات السبريد المفاجئة. 

كيف تختار وسيطًا بسَبريد مناسب؟  

اختيار وسيط تداول بسبريد مناسب لضمان تكاليف تداول منخفضة وجودة تنفيذ عالية يتطلب مراعاة عدة عوامل منها:

• مراعاة احتياجاتك وأسلوبك في التداول.
• مقارنة أنواع الحسابات والسبريد.
• اختبار المنصة بحساب تجريبي.

يجب أن تبدأ بتحديد احتياجاتك وأسلوبك في التداول قبل اختيار وسيط. هل أنت متداول يومي يحتاج إلى سبريد ضيق وتنفيذ سريع؟ أم أنك متداول على المدى الطويل وتركز أكثر على العمولات المنخفضة؟ كل أسلوب تداول يتطلب مواصفات مختلفة في الوسيط، لذا اختر الوسيط الذي يتوافق مع استراتيجيتك.

تقدم معظم شركات الوساطة أنواعًا مختلفة من الحسابات، مثل الحسابات القياسية أو الحسابات ذات السبريد الثابت أو المتغير. قارن بين هذه الخيارات لاختيار الأفضل من حيث التكلفة وجودة التنفيذ. ابحث عن وسطاء يقدمون سبريدًا تنافسيًا دون فرض عمولات خفية تضر بربحيتك على المدى الطويل.

و قبل فتح حساب حقيقي، يُفضل تجربة منصة الوسيط عبر حساب تجريبي. هذا يسمح لك باختبار جودة تنفيذ الأوامر و الاسبريد الذي اخترت الوسيط بسببه، ومدى استقرار المنصة، وملاءمة أدوات التحليل المتاحة. كما يساعدك على التأكد من أن الوسيط يلبي احتياجاتك قبل التداول بأموال حقيقية.